تسعون عاما من التشويق… كأس العالم لكرة القدم

في مثل هذه الأيام من تسعين عاما أعاد "جول ريميه" أمام اتحاد الكرة (الفيفا) اقتراح المسابقة العالمية التي كانت رفضت سابقاً خوفا من تأثيرها على الدورات الأولمبية، ومنذ بَدأ البطولة عام 1930 وهي تعقد كل أربعة أعوام... وبحساب بسيط كانت البطولة القادمة في قطر لتكون الرابعة والعشرون، الا أن الحرب العالمية أوقفتها دورتين متتاليتين، كما واجهتها عقبات أخري كادت تعرقلها لولا إصرار الرعيل الأول لمجلس الاتحاد.

1930-worldcup-footaball
1930-WorldCup-football

*****

كأس العالم في الطوابع التذكارية

إضافة الي إصدار طوابع البريد لتحصيل رسوم توصيل الرسائل، تصدر الدول أيضا طوابع تذكارية خاصة لتخليد شخصيات أو أحداث بارزة محلية أوعالمية، وبمرورالأيام نشأت هواية شيقة مع أول إصدار في بريطانيا عام 1840، وكان يحمل صورة الملكة فكتوريا "سمى بيني بلاك" بسبب لونه الأسود، دفع كثير من الناس للاحتفاظ به، ومع مرور الزمن انتشرت الهواية ونالت شعبية كبيرة.
تحدد قيمة هذه الطوابع اعتبارات يعرفها أكثر هواة وخبراء الطوابع، وبشكل عام يرتبط سعرها بندرة وجود السليم منها، أو احتوائه على أخطاء في الطباعة أو المحتوى (مثل الطابع الأمريكي الشهير عام 1918 الذي يظهر طائرة مقلوبة)، وعموما تعتبر الطوابع الصادرة قبل عام 1875 أكثرها قيمة... حتى وصل سعر بعضها الي ربع مليون دولار على سبيل المثال (طابع أرجواني غيانا البريطاني عام 1856)

ثم مع اهتمامها بكرة القدم في مطلع القرن العشرين أصبحت طوابع البريد سجلا ذا مذاقاً تاريخيا وثقافيا يتجاوز لعبة الكرة، وهذا مثال لمجموعة شيقة لهواة جمع الطوابع ومحبي الرياضة في آن واحد، إذ تؤرخ لبدايات الحدث الرياضي الأكبر... كأس العالم للكرة، والمجموعة من اصدار هيئة البريد المجرية تسجل تاريخ البطولات الخمس الأولي من خلال طرفي المباراة النهائية، وقميص كل منتخب الذي تغير بعضه فيما بعد... مثل قميص المنتخب الألماني، بينما ظل بعضها كما هو مثل المنتخب الإيطالي.  

كأس العالم 1930 - الأوروجواي:

أورجواي والأرجنتين

كانت تلك أول بطولة عالمية للكرة، وقد أقيمت في الأوروغواي التي كانت تحتفل بذكرى استقلالها في يوليو،  وكانت زعيمة كرة القدم في ذلك الوقت بعد أن فازت بأخر دورتين أولمبيتين، وهي البطولة الوحيدة التي دعي لها جميع منتخبات الاتحاد الدولي بدون تصفيات مؤهلة ، وكان عددها ثلاث عشر في ذلك الوقت، الا أن بعضها اعتذر بسبب تكاليف السفر عبر الأطلسي، بل لم تحضر حتي بعد تعهد حكومة الأوروغواي بتحمل كافة مصاريف استضافة الوفود، وسيكون لهذا الغياب انعكاس علي الدورة التالية.
*****

كأس العالم 1934  إيطاليا :

إيطاليا وتشيكوسلوفاكيا
بعد النجاح النسبي للدورة الاولي رغم الاعتذارات قررت 32 دولة المشاركة في المسابقة التالية، وبالتالي كان لزاماً إقامة تصفيات لتتأهل بعدها 16 دولة فقط ولتكون هذه أول دورة بها تصفيات مؤهلة، وخلاف هذا الحضور اللافت غاب عن البطولة عدد من المنتخبات المهمة مثل أورجواي حاملة اللقب التي قررت مقاطعة البطولة بسبب مقاطعة الدول الأوروبية للبطولة الأولي التي استضافتها قبل 4 سنوات،  وتكون هذه أيضا البطولة الوحيدة التي لم يشارك بها حامل اللقب، ولم تكن هذه المقاطعة الوحيدة، فقد كانت منتخبات إنجلترا واسكتلندا وأيرلنديا الشمالية و ويلز لا تشارك أصلاً في نشاطات الاتحاد الدولي لكرة القدم تكبرا عليه علي ما يبدو، وقد كان لعضو الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم "تشارلز سو تكليف" قولا شهيرا : "أن البطولة التي تجمع المنتخبات الأربعة أفضل من البطولات العالمية".
*****

كأس العالم 1938 فرنسا:


إيطاليا والمجر
مرة أخري لم تشارك  الأورجواي كرة أخري وكذلك والأرجنتين، لكن هذه المرة اعتراضا علي عدم  التناوب بين القارتين الكبيرتين في هذه الرياضة، اذ كانت البطولة الثانية علي التوالي في أوروبا، أما منتخب اسبانيا فلم يشارك رغم تأهله بسبب ظروف حربها الأهلية في ذلك الوقت، كما شارك منتخب السويد بدلا من النمسا المتأهلة بسبب انضمام الأخيرة الي ألمانيا،  ويوضح هذا الطابع مباراة النهائي بين فريقي المجر وإيطاليا، التي فازت بها الأخيرة لتكون أول منتخب يحافظ على لقبه ويفوز بكأس العالم لمرتين متتاليتين

ثم توقفت البطولة بعد هذه الدورة بسبب الحرب العالمية الثانية، حتي عادت إليها الروح مرة أخري عام 1950 ، وعلي هذا تصير إيطاليا قد حملت القب العالمي لمدة 16 عام (من 1934 إلى 1950)، وهي أطول مدة لمنتخب يفعل ذلك.
******

كأس العالم 1950 - البرازيل:

الرازيل والأوروجواي

بعد آخر بطولة أقيمت عام 1938 في فرنسا، وبعد توقف 12 عاماً ألغيت فيها بطولتي  1942 و1946  بسبب الحرب العالمية الثانية،  اعتذرت الدول الأوروبية المنهكة بالحرب عن استضافة الحدث... فتقدمت البرازيل لتنظيمها، بل حتي تحملت تكاليف استضافة ايطاليا حاملة الكأس الأخيرة. 
وأُقيم النهائي على ملعب ماراكانا بينها وببن الأورجواي بحضور 200 ألف متفرج، كان ولا زال رقماً قياسياً كأكثر النهائيات حضوراً، واستطاع فيه منتخب الأوروجواي ... الدولة ذات الثلاثة ملايين نسمة... التغلب على صاحب الأرض والجمهور منتخب البرازيل، ليفوز باللقب الثاني له في بطولات كأس العالم، ويظل المنتخب الأقوي عالميا في ذلك الزمن

******

كأس العالم 1954  سويسرا:

ألمانيا والمجر
بعد أن ثبت مبدأ التناوب بين القارتين، كانت هذه اول بطولة عالم بنظام المجموعات، حيث يتأهل أول وثاني المجموعة للدور الذي يليه، وهكذا حتي الوصول الي المباراة النهائية  التي اقيمت في  بيرن بين منتخبي ألمانيا الغربية وهنغاريا.
 أطلق الألمان علي هذه المباراة والبطولة بعد ذلك اسم معجزة بيرن  (Das Wunder von Bern)،  اذ كانت كل الترجيحات في صف المنتخب الهنغاري نظراً لمستواه الممتاز والنجوم الذين يضمهم حينها، الا أن  منتخب ألمانيا حقق المفاجأة، وفاز محققاً لقبه الأول في بطولات كأس العالم.
******

جول ريميه - رئيس لاتحاد الكرة القدم (من 1921 إلى 1954):


رئيس الفيفا  (من 1921 إلى 1954)

ريميه هو الرئيس الثالث والتاريخي للفيفا منذ نشأته بعد ان كان رئيساً لاتحاد الكرة الفرنسي، وأطولهم بقاءً في المنصب )33 سنة (، وان يقال إنه ليس صاحب فكرة البطولة ... إلا أنه باعثها الذي آمن بها ورعاها، وعندما تحمست الأورغواي لتنظيم البطولة الجديدة... وكانت بمثابة برازيل ذلك الزمن، قرر الاتحاد الدولي جائزة ثمينة للفائز، ومن أجل تحفيز الدول على المشاركة كُلف النحّات الفرنسي (هابيل ليفلير) بتصميم تمثال يزن 3.8 كيلو جرام من الذهب الخالص  يمثل (Nike)  إله النصر عند اليونان، واقف علي قاعدة من الرخام الأبيض، تم استبدالها فيما بعد بقاعدة  من اللازورد الأزرق، وقد سمي هذا الكأس علي اسم "جول ريميه" تكريما له
الا أن كاس ريميه هذه سرقت عام 1983 من البرازيل التي كانت تحتفظ بها لفوزها باللقب ثلاث مرات، وقام اللصوص بإذابتها، فطلبت البرازيل نسخة طبق الأصل بعد سرقة النسخة الأصلية .

خاتمة

ورغم ضياع الكأس الأولي التي تحمل اسم ريميه، يسجل له التاريخ تحويلها من مسابقة هشة تدعي لها كل منتخبات اتحاد الكرة فيعتذرون رغم تحمل التكاليف عنهم، الي البطولة الأهم عالميا، تسعي الأمم من خلال تصفيات شاقة الي التنافس على مربعها الذهبي أو حتي مجرد اللحاق بها... ولو خرجت من أدوارها الأولي، ثم رحل عن العالم بعد تركه لرئاسة الفيفا... وكأنه باستقرار البطولة وتقدمها الي صدارة الاحتفاليات العالمية قد حقق رسالته في هذه الحياة.


ليست هناك تعليقات:

المتابعون